الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- حديث واحد: قال عليه السلام: - "الزارع مأجور به"، قلت: غريب جدًا. - الحديث الأول: قال عليه السلام: - "على اليد ما أخذت حتى ترد"، قلت: أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "على اليد ما أخذت، حتى تؤدي"، ثم نسي الحسن، فقال: هو أمينك لا ضمان عليه، انتهى. قال الترمذي حديث حسن، أخرجه أبو داود، والترمذي في "البيوع"، والنسائي في "العارية"، وابن ماجه في "الأحكام" [عند أبي داود في "البيوع - باب في تضمين العارية" 145 - ج 2، وعند الترمذي في "البيوع - باب ما جاء أن العارية مؤداة" ص 164 - ج 1، وعند ابن ماجه في "الأحكام - باب العارية" ص 175] وليس في حديثه قصة الحسن، ورواه أحمد في "مسنده"، والطبراني في "معجمه"، والحاكم في "المستدرك - في البيوع"، وقال: حديث صحيح على شرط البخاري، انتهى. وتعقبه الشيخ تقي الدين في "الإمام" فقال: وليس كما قال، بل هو على شرط الترمذي، انتهى. قال المنذري: وقول الترمذي فيه: حديث حسن، يدل على أنه يثبت سماع الحسن عن سمرة، انتهى. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه - في البيوع"، وقال فيه: حتى يؤديه - بالهاء - قال ابن القطان في "كتابه": وهو بزيادة الهاء موجب لرد العين ما كانت قائمة، انتهى. وقال ابن طاهر، في كلامه على أحاديث الشهاب: إسناده حسن متصل، وإنما لم يخرجاه في "الصحيح" لما ذكر من أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، انتهى. - الحديث الثاني: قال عليه السلام: - "لا يحل لأحد أن يأخذ مال أخيه، لاعبًا، ولا جادًا، فإن أخذه فليرده عليه، قلت: روي من حديث يزيد بن السائب، ومن حديث ابن عمر. - فحديث يزيد: أخرجه أبو داود في "كتاب الأدب - في باب المزاح"، والترمذي في "أول الفتن" [عند أبي داود في "الأدب - باب من يأخذ الشيء من مزاح" ص 327، وعند الترمذي في "الفتن - باب ما جاء لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا" ص 41 - ج 2، وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية" وفي الباب عن ابن عمر قال: غلبت زيد بن ثابت عيناه ليلة الخندق، فجاء عمارة بن حزم، فأخذ سلاحه، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يا بار قد نمت حتى ذهب سلاحك؟! ثم قال صلى اللّه عليه وسلم: من له علم بسلاح هذا الغلام؟ فقال عمارة. أنا أخذته، قال: فرده، ثم نهى صلى اللّه عليه وسلم أن يروع المؤمن، وأن يأخذ متاعه لاعبًا، أو جادًا، أخرجه الحاكم، وفي إسناده الواقدي، انتهى] عن ابن أبي ذئب عن عبد اللّه بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده يزيد بن السائب، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادًا، ولا لاعبًا، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه، فليردها عليه"، انتهى. قال الترمذي: حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ذئب، والسائب بن يزيد له صحبة، سمع من النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو غلام، وقبض عليه السلام، والسائب ابن سبع سنين، وأبوه يزيد بن السائب هو من أصحاب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وروى عنه أحاديث، انتهى. ورواه أحمد، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وسمى ابن راهويه في "مسنده" ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن، وأبو داود الطيالسي في "مسانيدهم"، والبخاري في "كتابه المفرد في الأدب"، والحاكم في "المستدرك - في الفضائل" [ص 637 - ج 3، وقال: وفيها مات السائب بن يزيد - يعني سنة إحدى وتسعين - انتهى.] وسكت عنه، قال الحاكم: وابنه السائب بن يزيد أدرك النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وروى عنه، ثم أسند إلى السائب بن يزيد، قال: حج أبي مع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ حجة الوداع، وأنا ابن سبع سنين، قال ابن نمير: وفيها مات، وهي سنة إحدى وتسعين، انتهى. - الحديث الثالث: قال عليه السلام في الشاة المذبوحة المصلية بغير رضاء صاحبها: - "أطعموها الأسارى"، قلت: روي من حديث رجل من الأنصار، ومن حديث أبي موسى. - فحديث الرجل: رواه أبو داود في "سننه [عند أبي داود في "البيوع - باب في اجتناب الشبهات" ص 116 - ج 2] في أول البيوع" حدثنا محمد بن العلاء ثنا ابن إدريس أنبأ عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار، قال: خرجنا مع رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في جنازة، فرأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو على القبر يوصي الحافر: أوسع من قِبل رجليه، أوسع من قِبل رأسه، فلما رجع استقبله داعي امرأة، فجاء وجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم، فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يلوك لقمة في فيه، ثم قال: إني أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها، فأرسلت المرأة، يا رسول اللّه، إني أرسلت إلى البقيع ليشتري لي شاة، فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلى بثمنها، فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته، فأرسلت بها إلي، فقال عليه السلام: أطعميه الأسارى، انتهى. ورواه أحمد في "مسنده" حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن زائدة عن عاصم بن كليب عن أبيه أن رجلًا من الأنصار، قال، فذكره، وهذا سند الصحيح، إلا أن كليب بن شهاب [كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي، قال ابن سعد: ثقة، ورأيتهم يستحسنون حديثه، ويحتجون به، انتهى] والد عاصم لم يخرجا له في "الصحيح"، وخرج له البخاري في "جزئه - في رفع اليدين" وقال فيه ابن سعد: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، ولا يضره قول أبي داود: عاصم بن كليب عن أبيه عن جده، ليس بشيء، فإن هذا ليس من روايته عن أبيه عن جده، والله أعلم، ورواه محمد بن الحسن في "كتاب الآثار" أخبرنا أبو حنيفة عن عاصم بن كليب به، قال محمد بن الحسن: ولو كان هذا اللحم باقيًا على ملك مالكه الأول، لما أمر به النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يطعم للأسارى، ولكن لما رآه خرج من ملك الأول، وصار مضمونًا على الذي أخذه، أمر بإطعامه لأن من ضمن شيئًا فصار له من وجه غصب، فإن الأولى أن يتصدق به، ولا يأكله، وكذلك ربحه، انتهى كلامه. وأخرجه الدارقطني في "سننه [عند الدارقطني في "الصيد والذبائح" ص 545.] - في الضحايا" عن حميد بن الربيع ثنا ابن إدريس به، وحميد بن الربيع هو الخزار - بخاء معجمة، وزاي مكررة - قال ابن الجوزي في "التحقيق": كذاب، وتعقبه صاحب "التنقيح" فقال: وثقه عثمان بن أبي شيبة، وقد تابعه محمد بن العلاء، كما رواه أبو داود. انتهى. وأخرجه أيضًا عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب به، ثم أخرج عن عبد الواحد بن زياد، قال: قلت لأبي حنيفة: من أين أخذت قولك في الرجل يعمل في مال الرجل بغير إذنه: إنه يتصدق بالربح؟ قال: أخذته من حديث عاصم بن كليب هذا، انتهى. - وأما حديث أبي موسى: فرواه الطبراني في "معجمه" حدثنا أحمد بن القاسم الطائي ثنا بشر بن الوليد ثنا أبو يوسف القاضي عن أبي حنيفة عن عاصم بن كليب عن أبي بردة عن أبي موسى أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ زار قومًا من الأنصار في دارهم، فذبحوا له شاة، فصنعوا له منها طعامًا، فأخذ من اللحم شيئًا ليأكله، فمضغه ساعة لا يسيغه، فقال: ما شأن هذا اللحم؟ قال: شاة لفلان ذبحناها، حتى يجيء نرضه من ثمنها، فقال عليه السلام: أطعموها الأسارى، انتهى. ورواه في "معجمه الوسط" حدثنا أحمد بن القاسم الطائي ثنا بشر بن الوليد به، والمصنف استدل بالحديث على أن الغاصب يملك العين المغصوبة إذا غيرها تغيرًا يخرجها عن أصلها، ووجه الحجة أن ملك صاحبها زال عنها بذلك، ولولا ذلك لكان يأمر بردها عليه، واحتج الخصم بحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه، أخرجه الدارقطني في "سننه - في البيوع" عن عمارة بن حارثة الضميري عن عمرو بن يثربي، قال: شهدت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في حجة الوداع بمنى، فسمعته يقول: لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا ما طابت به نفسه، فقلت له: يا رسول اللّه أرأيت إن لقيت غنم ابن عم لي، فأخذت منها شاة، فاجتزرتها [قال ابن الأثير في "النهاية" ص 188 - ج 1 في - مادة الجيم مع الزاي - : وفيه أرأيت إن لقيت غنم ابن عمي، أجتزر منها شاة؟ أي آخذ منها شاة أذبحها، انتهى] أعليّ في ذلك شيء، قال: إن لقيتها تحمل شفرة وأزنادًا، فلا تمسها، انتهى. وإسناده جيد، وأخرج نحوه عن أنس بإسنادين: في الأول مجاهيل، وفي الثاني علي بن زيد بن جدعان، والله أعلم. - الحديث الرابع: قال عليه السلام: - "ليس لعرق ظالم حق"، قلت: روي من حديث سعد بن زيد، ومن حديث رجل، ومن حديث عائشة، ومن حديث عبادة بن الصامت، ومن حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص، ومن حديث عمرو بن عوف المزني. - فحديث سعيد بن زيد: أخرجه أبو داود في "الخراج"، والترمذي من "الأحكام" [عند أبي داود في "الخراج - باب إحياء الموات" ص 81 - ج 2، وعند الترمذي في "الأحكام - باب ما ذكر في إحياء أرض الموات" ص 78 - ج 1، وحكى عن محمد بن المثنى، قال: سألت أبا الوليد الطيالسي عن قوله: وليس لعرق ظالم حق، فقال: العرق الظالم الغاصب الذي يأخذ ما ليس له، قلت: هو الرجل الذي يغرس في أرض غيره؟ قال: هو ذاك، انتهى] والنسائي في "إحياء الموات" عن عبد الوهاب الثقفي ثنا أيوب عن هشام بن عروة عن عروة عن سعيد بن زيد، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "من أحيى أرضًا ميتة، فهي له، وليس لعرق ظالم حق"، انتهى. قال الترمذي: حديث حسن غريب، وقد رواه جماعة عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، انتهى. قلت: منهم مالك في "الموطأ" [في "الموطأ - في الأقضية - باب القضاء في عمارة الموات" ص 311] قال ابن عبد البر في "التقصي": أرسله جميع الرواة عن مالك لا يختلفون في ذلك، انتهى. وقال أبو داود: قال هشام: العرق الظالم أن يغرس الرجل في أرض غيره، فيستحقها بذلك، وقال مالك: العرق الظالم كل ما أخذ، واحتفر، وغرس بغير حق، انتهى. وأخرجه النسائي عن يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن عروة مرسلًا، وقال الدارقطني في "كتاب العلل": تفرد به عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد، واختلف فيه على هشام، فرواه الثوري عن هشام عن أبيه، قال: حدثني من لا أتهم عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وتابعه جرير بن عبد الحميد، وقال: يحيى بن سعيد، ومالك بن أنس، وعبد اللّه بن إدريس، ويحيى بن سعيد الأموي عن هشام عن أبيه مرسلًا، انتهى. - وأما حديث الرجل: فأخرجه أبو داود [عند أبي داود في "الخراج - باب إحياء الموات" ص 82 - ج 2] عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه مرفوعًا نحوه، قال عروة: فلقد خبرني الذي حدثني بهذا الحديث، وفي لفظ: فقال رجل من أصحاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - وأكثر ظني أنه أبو سعيد - : إن رجلين اختصما إلى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ في أرض، غرس أحدهما فيها نخلًا، والأرض للآخر، فقضى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله، وقال: ليس لعرق ظالم حق، قال: فلقد أخبرني الذي حدثني بهذا الحديث أنه رأى النخل تقلع أصولها بالفؤوس، انتهى. - وأما حديث عائشة: فرواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" [قلت: وعند أبي داود السجستاني أيضًا في "سننه - في الخراج - باب إحياء الموات" ص 82 - ج 2 عن عبد اللّه بن المبارك عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن عروة به، وعند الدارقطني في "القضاء" ص 517 عن زمعة بن صالح عن الزهري به.] حدثنا زمعة عن الزهري عن عروة عن عائشة، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "البلاد بلاد اللّه، والعباد عباد اللّه، ومن أحيى من موات الأرض شيئًا فهو له، وليس لعرق ظالم حق"، انتهى. ومن طريق الطيالسي الدارقطني في "سننه"، والبزار في "مسنده"، وأخرجه الطبراني في "معجمه الوسط" عن رواد بن الجراح ثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن عائشة نحوه. - وأما حديث عبادة: فرواه الطبراني في "معجمه" حدثنا يوسف القاضي ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا الفضل بن سليمان عن موسى بن عقبة حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت، قال: إنه من قضاء رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه ليس لعرق ظالم حق، انتهى. - وأما حديث عمرو بن عوف: فأخرجه إسحاق بن راهويه، والبزار في "مسنديهما". والطبراني في "معجمه"، وابن عدي في "الكامل" عن كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف المزني حدثني أبي أن أباه أخبره أنه سمع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: من أحيى أرضًا مواتًا من غير أن يكون فيها حق مسلم، فهي له، وليس لعرق ظالم حق، انتهى: وأعله ابن عدي بكثير بن عبد اللّه، وضعفاه عن النسائي، وأحمد، وابن معين تضعيفًا شديدًا. - وأما حديث عبد اللّه بن عمرو: فأخرجه الطبراني في "معجمه" عن مسلم بن خالد الزنجي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد اللّه بن عمرو مرفوعًا باللفظ الأول، قال أبو عبيد في "كتاب الأموال" [في "أحكام الأرضين في إقطاعها وإحيائها" ص 575، قال أبو عبيد: ففي هذا الحديث وجهان: أحدهما أن يكون أراد به أن لا يطيب للزارع من ريع ذلك الزرع شيء إلا بقدر نفقته، ويتصدق بفضله على المساكين، وهذا على وجه الفتيا، والوجه الآخر، اهـ والمخرج لخص كلامه تلخيصًا]: وقد جاء عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ما يخالف ذلك، ثم أخرج عن شريك عن أبي إسحاق عن عطاء بن أبي رباح عن رافع بن خديج عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فله نفقته، وليس له من الزرع شي، فقضى على رب الأرض بنفقة الزارع، وجعل الزرع لرب الأرض، قال: والفرق بين الزرع والنخل أن الزرع إنما يمكث في الأرض سنة، فإذا انقضت السنة رجعت الأرض إلى ربها، وصار للآخر نفقته، فصار هذا أرشد من قلع الزرع بقلًا، وليس النخل كذلك، فإنه مؤبد في الأرض، ولا وقت ينتظر لقلعه، فلم يكن لتأخير نزعها وجه، انتهى كلامه. - الحديث الأول: قال عليه السلام: - "الشفعة لشريك لم يقاسم"، قلت: غريب، وأخرجه مسلم [عند مسلم في "الشفعة" ص 32 - ج 2، وكذا ما روى عن ابن وهب عن ابن جريج، وعند الدارقطني في "القضاء" ص 520.] عن عبد اللّه بن إدريس عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، قال: قضى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة، أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع، ولم يؤذنه، فهو أحق به، انتهى. وأخرجه الدارقطني في "سننه"، وقال: لم يقل في هذا الحديث: لم يقسم، إلا ابن إدريس، وهو من الثقات الحفاظ، انتهى، وأخرجه مسلم أيضًا عن ابن وهب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه، فيأخذ أو يدع، فإن أبى، فشريكه أحق به حتى يؤذنه"، انتهى. - الحديث الثاني: قال عليه السلام: - "جار الدار أحق بالدار والأرض، ينتظر له، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا"، قلت: هو مركب من حديثين، فصدر الحديث أخرجه أبو داود في "البيوع"، والترمذي في "الأحكام" [عند أبي داود في "الشفعة" ص 140 - ج 2، وعند الترمذي فيه: ص 176 - ج 2، ولفظه: جار الدار أحق بالدار.] والنسائي في "الشروط"، فأبو داود، والنسائي عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة، والترمذي عن إسماعيل بن علية عن سعيد عن قتادة به، أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: جار الدار أحق بدار الجار، والأرض، انتهى. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواه أحمد في "مسنده"، والطبراني في "معجمه"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وفي بعض ألفاظهم: جار الدار أحق بشفعة الدار، وأخرجه النسائي أيضًا عن عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة، وأخرجه أيضًا عن عيسى بن يونس عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعًا: جار الدار أحق بالدار، انتهى. وبهذا الإسناد رواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع السادس والثلاثين، من القسم الثالث، ثم قال: وهذا الحديث إنما ورد في الجار الذي يكون شريكًا، دون الجار الذي ليس بشريك، يدل عليه ما أخبرنا، وأسند عن عمرو الشريد، قال: كنت مع سعيد بن أبي وقاص، والمسور بن مخرمة، فجاء أبو رافع مولى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال لسعد بن مالك [قلت: سعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص، قاسم أبي وقاص مالك، راجع "الطبقات" لابن سعد في "ترجمة سعد بن أبي وقاص" هذا]: اشتر مني بيتي الذي في دارك، فقال: لا، إلا بأربعة آلاف منجمة، فقال: أما واللّه لولا أني سمعت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: الجار أحق بشفعة ما بعتكها، لقد أعطيت بها بخمسمائة دينار، انتهى. قلت: هذا معارض بما أخرجه النسائي، وابن ماجه [عند النسائي في "البيوع - في الشفعة" ص 234 - ج 2، ولفظه: الجار أحق بسبقه، وعند ابن ماجه في "الشفعة" ص 182، ولفظه: الجار أحق بسبقه، اهـ .] عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه أن رجلًا، قال: يا رسول اللّه أرضي ليس فيها لأحد شرك، ولا قسم، إلا الجوار، فقال: الجار أحق بشفعة ما كان، انتهى. ورواه البزار في "مسنده"، وقال: ويروى هذا الحديث عن الحسن عن سمرة، وعيسى بن يونس جمع بين الطرفين، أعني عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة، وعن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، انتهى. ورواه الدارقطني في "سننه" [لم أجد هذا القول في نسخة الدارقطني المطبوعة عندنا، والله أعلم] وقال: وهم فيه عيسى بن يونس، وغيره يرويه عن قتادة عن الحسن عن سمرة، هكذا رواه شعبة، وغيره، وهو الصواب، انتهى. قال ابن القطان في "كتابه": وقد مالأ بهذا القول على عيسى بن يونس، فإنه ثقة، ولا يبعد أن يكون جمع بين الروايتين، أعني عن أنس، وعن سمرة، وقد ورد ما يعضد ذلك، قال قاسم بن أصبغ: حدثنا محمد بن إسماعيل ثنا نعيم بن حماد ثنا عيسى بن يونس عن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، وبه عن قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعًا، فذكره، قال: وعيسى بن يونس ثقة، فوجب تصحيح ذلك عنه، انتهى. - حديث آخر: رواه أحمد في "مسنده" [عند أحمد في - مسند شريد بن سويد الثقفي - ص 388 - ج 4.] حدثنا عفان ثنا همام أنبأ قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد الثقفي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: جار الدار أحق بالدار من غيره، انتهى. وبقية الحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة [عند ابن ماجه في "أبواب الشفعة" وعند أبي داود في "الشفعة" ص 140 - ج 2، وعند الترمذي "باب ما جاء في الشفعة للغائب" ص 176 - ج 1] عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحد، انتهى. قال الترمذي: حديث حسن غريب، ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلم شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث، وعبد الملك ثقة مأمون عند أهل الحديث لا نعلم أحدًا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث [وقال الترمذي بعد هذا: وروي عن ابن المبارك عن سفيان الثوري، قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان - يعني في العلم - انتهى] انتهى. وقال المنذري في "مختصره": قال الشافعي: يخاف أن لا يكون محفوظًا، وأبو سلمة حافظ، وكذلك أبو الزبير، ولا يعارض حديثهما بحديث عبد الملك، وسئل الإمام أحمد عن هذا الحديث، فقال: هو حديث منكر، وقال يحيى: لم يحدث به إلا عبد الملك، وقد أنكره الناس عليه، وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: لا أعلم أحدًا رواه عن عطاء غير عبد الملك، تفرد به، ويروى عن جابر خلاف هذا، انتهى كلامه. وقال صاحب "التنقيح": واعلم أن حديث عبد الملك بن أبي سليمان حديث صحيح، ولا منافاة بينه وبين رواية جابر المشهورة، وهي الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، فإن في حديث عبد الملك إذا كان طريقها واحدًا، وحديث جابر المشهور لم ينف فيه استحقاق الشفعة، إلا بشرط تصرف الطرق، فيقول: إذا اشترط الجاران في المنافع، كالبئر، أو السطح، أو الطريق، فالجار أحق بصقب جاره، لحديث عبد الملك، وإذا لم يشتركا في شيء من المنافع، فلا شفعة لحديث جابر المشهور، وطعْن شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث، لا يقدح فيه، فإنه ثقة، وشعبة لم يكن من الحذاق في الفقه، ليجمع بين الأحاديث، إذا ظهر تعارضها، إنما كان حافظًا، وغير شعبة إنما طعن فيه تبعًا لشعبة، وقد احتج بعبد الملك مسلم في "صحيحه"، واستشهد به البخاري، ويشبه أن يكونا إنما لم يخرجا حديثه هذا لتفرده به، وإنكار الأئمة عليه فيه، وجعله بعضهم رأيًا لعطاء، أدرجه عبد الملك في الحديث، ووثقه أحمد، والنسائي، وابن معين، والعجلي، وقال الخطيب: لقد أساء شعبة، حيث حدث عن محمد بن عبيد اللّه العرزمي، وترك التحديث عن عبد الملك بن أبي سليمان، فإن العرزمي لم يختلف أهل الأثر في سقوط روايته، وعبد الملك ثناءهم عليه مستفيض، واللّه أعلم، انتهى كلامه. - الحديث الثالث: قال عليه السلام: - "الجار أحق بسقبه، قيل: يا رسول اللّه، ما سقبه؟ قال: شفعته"، ويروى: أحق بشفعته، قلت: أخرج البخاري في "صحيحه" [عند البخاري في "البيوع - في الشفعة" ص 300 - ج 2، وعند النسائي أيضًا في "الشفعة" ص 234 - ج 2] عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع مولى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه سمع النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يقول: الجار أحق بسقبه، انتهى. وقوله: ويروى: أحق بشفعته، تقدم في حديث جابر، عند الترمذي: الجار أحق بشفعته ينتظر بها، وإن كان غائبًا، الحديث، وبالروايتين رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، فقال: أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: الجار أحق بسقبه، انتهى. أخبرنا المحاربي، وغيره عن سفيان الثوري عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: "الجار أحق بشفعته"، انتهى. وقوله: قيل: يا رسول اللّه، ليس في الحديث [نعم عند الدارقطني في "القضاء" ص 520 في حديث عمرو بن الشريد قيل: ما السقب؟ قال: الجوار، انتهى.] وفي "معجم الطبراني" قيل لعمرو بن الشريد: ما السقب؟ قال: الجوار، وفي "مسند أبي يعلى الموصلي" قال: الجار أحق بسقبه - يعني شفعته - ، انتهى. قال إبراهيم الحربي في "كتابه غريب الحديث": الصقب بالصاد، ما قرب من الدار، ويجوز أن يقال: سقب، فيكون السين عوض الصاد، لأن في آخر الكلمة قاف، وكذا لو كان في آخر الكلمة خاء، أو غين، أو طاء، فيقول: صخر وسخر، وصدغ وسدغ، وسطر وصطر، فإن تقدمت هذه الحروف الأربعة السين لم يجز ذلك، فلا يقال: خصر وخسر، ولا قصب ولا قسب، ولا غرس ولا غرص، انتهى كلامه [قال سيبويه في "كتابه" ص 427 - ج 2: هذا باب ما تقلب السين صادًا، في بعض اللغات، تقلبها القاف إذا كانت بعدها في كلمة واحدة، وذلك نحو صقت، وصبقت، والصملق، إلى قوله: والخاء والغين بمنزلة القاف، وهما من حروف الحلق بمنزلة القاف من حروف الفم، وقربهما من الفم كقرب القاف من الحلق، نحو صانع في سانع، وصلخ في سلخ، انتهى. وقال السيوطي في "المزهر" ص 277 - ج 1: قال أبو محمد البطليوسي في "كتاب الفرق بين الأحرف الخمسة": من هذا الباب ما ينقاس، ومنه ما هو موقوف على السماع، كل سين وقعت بعدها عين، أو غين، أو خاء، أو قاف، أو طاء جاز قلبها صادًا، مثل يساقون ويصاقون، وصقر وسقر، وصخر وسخر، مصدر سخرت منه إذا هزأت، فأما الحجارة فبالصاد لا غير، وقال: شرط هذا الباب أن تكون السين متقدمة على هذه الأحرف لا متأخرة بعدها، وأن تكون هذه الأحرف مقاربة لها لا متباعدة عنها، وأن لا تكون السين هي الأصل، فإن كانت هي الأصل لم يجز قلبها شيئًا، لأن الأضعف يقلب إلى الأقوى، ولا يقلب الأقوى إلى الأضعف، اهـ . ومثله صرح به الزمخشري في أواخر "المفصل" وابن الحجاب في "مقدمته - في التصريف")]. - الحديث الرابع: قال عليه السلام: - "الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وضربت الطرق، فلا شفعة"، قلت: أخرجه البخاري [عند البخاري في "الشفعة" ص 300 - ج 1، واللفظ في الآخر "في البيوع - باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعًا غير مقسوم" ص 294 - ج 1، وفي "الشركة - باب الشركة في الأرضين وغيرها" 339 - ج 1] عن أبي سلمة عن جابر بن عبد اللّه، قال: قضى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة، انتهى. لفظ البخاري: إنما جعل النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، الحديث. وأخرجه النسائي عن أبي سلمة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، وكذلك مالك في "الموطأ"، ولو كان ثابتًا، ففي نفي الشفعة بعد الأمرين دليل على ثبوتها قبل صرف الطرق، وإن حدت الحدود فقد وافق ما رواه الأربعة من حديث جابر المتقدم: الجار أحق بشفعته، ينتظر به، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا، ورواه مالك في "الموطأ" [عند مالك في "الموطأ - في الشفعة" ص 297 عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف مرسلًا) من حديث بن شهاب عن أبي سلمة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم مرسلًا، قال الطحاوي (قاله في "شرح الآثار - في الشفعة" ص 266 - ج 2]: الأثبات من أصحاب مالك رووه مرسلًا، ثم رفعوه عن أبي هريرة. وقوله: فإذا وقعت الحدود، هو رأي من أبي هريرة. - الحديث الخامس: قال عليه السلام: - "الشريك أحق من الخليط، والخليط أحق من الشفيع"، قلت: غريب، وذكره ابن الجوزي في "التحقيق"، وقال، إنه حديث لا يعرف، وإنما المعروف ما رواه سعيد بن منصور ثنا عبد اللّه بن المبارك عن هشام بن المغيرة الثقفي، قال: قال الشعبي: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "الشفيع أولى من الجار، والجار أولى من الجنب، انتهى. قال في "التنقيح": وهشام وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس بحديثه، انتهى. قلت: هذا الحديث رواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن ابن المبارك به، وروى بن أبي شيبة في "مصنفه - [قلت: وأخرج الطحاوي في "شرح الآثار" ص 268 - ج 2 عن الشعبي عن شريح مثله، وأيضًا أخرج عن الشعبي عن شريح، قال: الشفعة شفعتان: شفعة للجار، وشفعة للشريك، انتهى] في أثناء البيوع" ثنا أبو معاوية عن عاصم عن الشعبي عن شريح، قال: الخليط أحق من الشفيع، والشفيع أحق من الجار، والجار ممن سواه، انتهى. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح، قال: الخليط أحق من الجار، والجار أحق من غيره، انتهى. وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي، قال: الشريك أحق بالشفعة، فإن لم يكن شريك، فالجار، والخليط أحق من الشفيع، والشفيع أحق ممن سواه، انتهى. - حديث واحد: قال عليه السلام: - "الشفعة لمن واثبها"، قلت: غريب، وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" من قول شريح: إنما الشفعة لمن واثبها، وكذلك ذكره القاسم بن ثابت السرقسطي في "كتاب غريب الحديث - في باب كلام التابعين" - وهو آخر الكتاب.
: ما أخرجه ابن ماجه في "سننه" [عن ابن ماجه "باب في طلب الشفعة" ص 182، وبهذا السند عنده عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لا شفعة لشريك على شريك إذا سبقه بالشراء، الحديث.] عن محمد بن الحارث عن محمد ابن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: الشفعة كحل العقال، انتهى. أخرجه في "الأحكام"، رواه البزار في "مسنده"، ومن طريق البزار رواه ابن حزم في "المحلى"، وزاد فيه: ومن مثل بعبده فهو حر، وهو مولى اللّه، ورسوله، والناس على شروطهم ماوافق الحق، قال ابن القطان في "كتابه": وهذه الزيادة ليست عند البزار في حديث الشفعة، ولكنه أورد حديث العبد، بالإسناد المذكور حديثًا، وأورد أمر الشروط حديثًا، وأظن أن ابن حزم لما وجد ذلك كله بإسناد واحد لفقه حديثًا، وأخذ تشنيعًا على الخصوم الآخذين لبعض ما روى بهذا الإسناد، التاركين لبعضه، انتهى. ورواه ابن عدي في "الكامل" بلفظ ابن ماجه، وضعف محمد بن الحارث عن البخاري، والنسائي، وابن معين، وضعف شيخه أيضًا، قال ابن القطان: واعلم أن محمد بن الحارث هذا ضعيف جدًا، وهو أسوأ حالًا من ابن البيلماني، وأبيه، قال فيه الفلاس: متروك الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء، وضعفه أبو حاتم، ولم أر فيه أحسن من قول البزار فيه: رجل مشهور، ليس به بأس، وإنما أعله بمحمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، انتهى كلامه. - الحديث الأول: قال عليه السلام: - "الشفعة في كل شيء، عقار، أو ربع"، قلت: روى إسحاق بن راهويه في "مسنده" [قلت: وعند الطحاوي أيضًا في "شرح الآثار، في الشفعة" ص 268 - ج 2] أخبرنا الفضل بن موسى ثنا أبو حمزة السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء"، انتهى. وروى الطحاوي في "تهذيب الآثار" [قلت: هذا الحديث عند الطحاوي في "شرحه للآثار - في الشفعة" ص 268 - ج 2، ولعل تسميته - بتهذيب الآثار - ، من تصحيف الناسخين، والله أعلم] حدثنا محمد بن خزيمة بن راشد ثنا يوسف بن عدي ثنا ابن إدريس هو عبد اللّه الأودي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، قال: قضى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بالشفعة في كل شيء، انتهى. ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في "أحكامه"، وزاد في إسناده: هو القراطيسي - يعني يزيد بن عدي - قال ابن القطان: وهو وهم فيه، ليس في "كتاب الطحاوي"، ولكنه قلد فيه ابن حزم، وقد وجدنا لابن حزم في "كتابه" كثيرًا من ذلك، مثل تفسيره حماد، بأنه ابن زيد، ويكون ابن سلمة، والراوي عنه موسى بن إسماعيل، وتفسيره شيبان، بأنه ابن فروخ، وإنما هو النحوي، وهو قبيح، فإن طبقتهما ليست واحدة، وتفسيره داود عن الشعبي، بأنه الطائي، وإنما هو ابن أبي هند، ومثل هذا كثير قد بيناه. وضمناه بابًا مفردًا، فيما نظرنا به معه "كتاب المحلى"، والقراطيسي إنما هو يوسف بن يزيد، وهذا يوسف بن عدي أخو زكريا ابن عدي، كوفي، نزل مصر، يروي عن مالك بن أنس، وغيره، وروى عنه الرازيان، قاله أبو حاتم، ووثقه هو، وأبو زرعة، وأما يوسف بن يزيد أبو يزيد القراطيسي، وهو أيضًا ثقة، جليل مصري، ذكره ابن يونس في "تاريخ المصريين" توفي سنة سبع وثمانين ومائتين، وقد رأى الشافعي، ومولده سنة سبع وثمانين ومائة، انتهى كلامه. - الحديث الثاني: قال عليه السلام: - "لا شفعة إلا في ربع، أو حائط"، قلت: رواه البزار في "مسنده" حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "لا شفعة إلا في ربع أو حائط"، ولا ينبغي له أن يبيع حتى يستأمر صاحبه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، انتهى. وقال: لا نعلم أحدًا يرويه بهذا اللفظ إلا جابر، انتهى.
|